الثعلب والطّير
جاءنا الثعلب يومًا في لباس الزاهدينْ
قائلا يا قومُ إنّي نلْتُ برّ الوالدِينْ
قد أرحْتُ اليوم شيخًا منْ تصاريف السّنينْ
فاقْبَلوا حُكْمي وقولوا عاش زين العابدينْ
***
صفّق الطير وغنّى أين كنتم؟ أين كنّا؟
أيّ نار قد كوتنا؟ أنت روْحٌ، أنت جنّهْ
فاحكم الدّهر ولكن يا أبانا لا تهنّا
***
أطْرَقَ الثعلب حينًا جسّ فكّيْه وساقَهْ
إنّما أحتاجُ عوْنًا يُرجع الضّعفَ لياقَهْ
وثقيل اللفظ منّي يصبح عين الطّلاقهْ
لم أجدْ لي من حبيبٍ غير سكّين الحلاقهْ !
***
يا إلاهي، أيّ ظلمٍ أيّ مكرٍ أيّ زورْ !
قد بغى الثعلب بغيا طال أعشاش الطّيورْ
شرّد الطيّرَ سنينًا واستراح في القصورْ
لم يعد للطير شدو لا ولا حتى حبورْ
***
مِنْ ركامٍ مِنْ رمادْ قد سرى اليوم حريقْ
أيقض كلّ العبادْ أبصر الكلُّ الطريقْ
ليس يجدينا حدادْ أو نواح وشهيقْ
إنّما الشّعب أرادْ قدَرٌ إذْ يستفيقْ
***
خطب الثعلب خوفًا إنّما الآن فهمْنا
أوقفوا هذا التّحدّي وانعموا رزْقا و أمْنا
فأجاب الطّير كلّا نحن ثرنا واعتصمْنا
هل تَرى، من أجل هذا كم تعبنا؟ كم هرمْنا؟
***
أيّها الثّعلب، بُعْدًا يا إمام الهاربينْ
"مخطئ من ظنّ يوما أنّ للثعلب دينْ "
شكَرَ الطّيرُ بحمدٍ فضلَ ربّ العالمينْ
وغدا ينسج عشّا من عبير الياسمينْ